في أزمة سوق التأمين والرهن العقاري في أمريكا في ٢٠٠٨م ضاعت آلاف الوظائف وانهارت الكثير من الأسواق العالمية جراء ذلك . وكان في اقتصاديات الشرق الأوسط الكثير من المنشآت التي تأثرت تباعاً وخسر آلاف من الناس وظائفهم . في عام ٢٠١٣ م أتذكر أنني قابلت رجل يمتلك عملاً في أمريكا لبيع برك السباحة المنزلية. كان حديثه على المسرح عن قصته وكيف جرت الأحداث أثناء الأزمة بالنسبة له . ولأن التسويق هو لب الأعمال التجارية وضمن العجلات المهمة في دورة الأعمال المعروفة، كان مجمل حديثه عن هذا الدور وكيف قام بالاستفادة من الانترنت بدون ميزانية واضحة للتسويق.
ماركوس شريدن يمين الصورة – عبدالله الغدوني يسار الصورة
بدأ قصته بأنه كان يبيع في شركته برك السباحة لعملاء المنازل. ومع وجود الغيمة السوداء التي تلقي بظلالها على السوق أصبح شراء الناس لبرك السباحة أمر مستغرب وشيء تكميلي بسبب موجة الأزمة المالية التي باتت قوية جداً . ومع مرور بضعة أشهر اتضحت معالم الأزمة القبيحة وبدأ الضغط يزداد على ماركوس وفريقه كمدير تنفيذي ومالك للشركة فاضطر لأخذ بعض القرارات الصعبة التي استدعت إنهاء خدمات الكثير من الموظفين والذي يؤثر نفسياً على جو العمل. فبدأ ماركوس مع من تبقى من موظفيه بالتفكير سوياً ماذا يمكننا أن نعمل بعد أن توقفت حرفياً الاتصالات والرسائل الالكترونية وزيارات العملاء. فمن ضمن المقترحات لماركوس كان مقترح تعرف عليه خلال بحثه المستفيض بالانترنت حيث تعرف على التدوين وكتابة المقالات بالموقع . لم يكن الفريق منبهراً بالفكرة ولم يكن مشجعاً لها لأنها ليست إجراء دارج للبيع في صناعة المسابح المنزلية . بدأ ماركوس ولم يكن لديه الخبرة في ذلك فجمع الفريق واتفقوا على الكتابة بشكل مستمر وذلك ضمن خطوات بسيطة تعتمد على حصر أسئلة العملاء خلال مقابلتهم من قبل موظفي المبيعات. ومن ثم الكتابة عنها في الموقع بعد أن أنشأ قسم للتدوين فيه . وبعد أن انتهت أسئلة العملاء التي تم حصرها خلال عمليات البيع، قام الفريق بجمع الأسئلة التي يسألها العملاء لموظفي خدمة العملاء بعد الشراء أو حتى الاستفسارات التي تردهم بشكل مستمر حتى أصبحت مهام يومية لدى ماركوس وفريقه على مدى بضعة أشهر. وفي أحد الأيام بعد الشهر السادس تقريباً ورد أول اتصال من عميل يستفسر عن بعض التفاصيل في مزايا المسابح التي يوفرها ماركوس في شركته. وتمت عملية البيع وتلاه عميل وزوجته زاروا المعرض وقد أعربو بداية عن شكرهم لأن ماركوس وفريقه ثقفوهم وشرح لهم كل الأسئلة التي كانت تدور في مخيلتهم عندما فكروا في بناء مسبح في حديقة منزلهم. حتى أنهم قالو أننا قرأنا أكثر من ١٠٠ تدوينة من الموقع الإلكتروني قبل أن نكون جازمين أننا على استعداد للإستثمار في مسبح لعائلتنا في البيت.
هل تلاحظ أن ماركوس كان قد قارب على إغلاق النشاط التجاري تماماً بعد أن استنفذ جميع أرصدته الشخصية وحسابات الشركة البنكية وحتى البطاقات الإئتمانية التي وصلت حدها تماماً!
ما عمله ماركوس كان يرتكز على أمرين وهما :
١- فهم عملائه وبناء شخصيتهم وسرد جميع المواقف والأسئلة التي تدور في أذهانهم. وهذا يمثل جزء من استراتيجية المحتوى لديه.
٢- التدوين عن كل سؤال بطريقة بسيطة وعفوية أظهر فيها شخصيته وطبيعته بدون تكلف. وبذلك وصلت رسالته للجمهور الصحيح ودارت عجلة النشاط التجاري من جديد عبر محتوى تسويقي مميز.
أصبح ماركوس من أعظم قصص النجاح في العالم التي نشأت بسبب النشر للمحتوى والتدوين، حيث أصبحت شركته هي المتصدرة في سوق المسابح المنزلية في الولايات المتحدة الأمريكية. وأصبح من قادة الرأي في مجال التسويق عبر المحتوى.
أسرار النجاح في التسويق عبر المحتوى والاستثمار في المحتوى التسويقي هو الاستمرار وتحسين الأداء أول بأول بالتعلم من النتائج لكل منشور على الموقع الإلكتروني والشبكات الاجتماعية. وسر النجاح دائما الاستمرار فيه والتحسين في فهم متطلبات الجمهور في كل مرة. حيث تتمحور الاستراتيجية للمحتوى على تحديد الجمهور وتطلعاتهم وتحدياتهم تجاه اقتناء منتجك أو خدمتك ثم بناء هيكلة واضحة للمحتوى الذي تود نشره ( ماهي أسئلتهم التي تود الإجابة عليها ) .
ما رأيك في التدوين في مجال عملك ،ماذا ستكون خطتك ؟